الشعاب المرجانية في البحرالاحمر





التغير المناخي يحرم البحار من ذهبها الاحمر
دراسة تؤكد ان الشعاب المرجانية في طريقها للموت النهائي بسبب تأثير البحار الحمضية.




منذ قديم الزمان، احتار العلماء واختلفوا في اعتبار المرجان جمادا ينام في اعماق البحار ام نباتا ينمو بعيدا عن اشعة الشمس ام حيوانا، لكنهم اتفقوا على ان الوانه الزاهية تخطف ابصار الناس.
وقد دعاهم الامر ومنذ قرون الى استخدامه في الطب والتعاويذ اولا ثم للتزين واستخدامه كنوع من المال في المقايضة كسلعة ثمينة.
اما اليوم، فيستخدم في انتاج اجمل انواع الحلي وقد ابدع الحرفيون القدماء في صنع المنحوتات الاسطورية والتحف الفنية في روما القديمة، فازدهرت تجارة جنوا الايطالية الى القسطنطينية ومرافئ البحر المتوسط واخذه التجار العرب الى الصين والهند وهناك كانت اشكال مرجانية صغيرة تثبت على سطوح خشبية او معدنية موشاة بالذهب.





 


وهكذا استخدم المرجان لزخرفة اشياء متنوعة كعلب المجوهرات والصواني والمرايا وزينة الكنائس وخيطت حبات المرجان الصغيرة على الاقمشة الثمينة والستائر الفاخرة، ومع تطور الصناعة بدأ صنع مجاميع رائعة من اطقم المجوهرات والزينة.
وتتخصص مدينة توريه دل غريكوفي على خليج نابولي الايطالي في تصنيع ما يقدر بنحو90% من كل المرجان المجمع في العالم ويستخدم امهر الحرفيين في صقل وتقطيع الاغصان المرجانية الى حبات كروية لترصع بها الخواتم والحلي. والمرجان اغلى من الذهب في الاسواق العالمية حتى انه سمي بالذهب الاحمر.


وتظهر الادلة الاثرية ان الانسان القديم قام بجمع قطع المرجان التي يجرفها الموج الى الشواطئ، ووجدت قطع من المرجان الاحمر بين حلي الالهة السومرية وتزيينات فراعنة مصر، وتطور صيده بسحبه من تحت الماء بالشباك او تقطيعه بادوات حادة.
وبحلول القرن العاشر الميلادي، طور العرب في شمال افريقيا اداة لتجميع المرجان هي عبارة عن خشبتين كبيرتين متعارضتين ومائلتين يتراوح طول الواحدة من 4 الى 5 امتار وتثقل بحجر كبير، ويتدلى من وسطها واطرافها عدد من الشباك تنزل من المراكب وهكذا تتكسر اغصان المرجان وتعلق بالشباك، وقد منعت هذه الطرق واستبدلت بالغواصين الحريصين في الاختيار وتقليل التلف .
ويتكون المرجان من الحجر الجيري تساعد على تكوينه ملايين من حيوانات دقيقة في تكوينات تشبه الاشجار المتفرعة والقباب الواسعة ويمتاز بلونه الاحمر البرتقالي الفاتن والاصفر والاخضر والبنفسجي.
وحين تموت هذه الحيوانات الدقيقة لتشكل اساسا لحواجز في قاع البحر تسمى الشعاب المرجانية وتحتضن ما يزيد عن 3000 نوع من الكائنات البحرية من اسماك ورخويات وديدان وقشريات لعل اشهرها نجم البحر وشقائق البحر.
ويساعد البحر بموجه المتلاطم في بناء الجزر المرجانية حين يجرف الكائنات الدقيقة مثل الطحالب لتلتصق بالمرجان فتكون بناء صلبا.
ويعيش المرجان في المياة الدافئة الهادئة غير الملوثة ذات الملوحة العالية نسبيا ودرجة حرارتها تتراوح بين 10 الى 29 درجة مئوية اذ ينمو بمعدل 2 الى 8 مليمتر سنويا طولا ونحو 2 مليمتر من حيث القطر.
وتبلغ مساحته في العالم نحو 660 الف كيلومتر مربع اي ما يعادل 2% من مساحة البحار الاستوائية الدافئة من جنوب المحيط الهادئ وجزر الهند الشرقية والمحيط الهندي والبحر الاحمر حتى تصل سواحل البرازيل الشرقية.
والمرجان متنوع الاشكال منها الحافية والممتدة من السواحل الى البحر وهي شعاب مغمورة، كذلك الشعاب الحاجزية والتي تكون حاجزا بين مياه الشواطئ القريبة وعرض البحر.
اما الجزر المرجانية فغالبا ما تكون في عرض البحر حيث يتراكم المرجان على فوهة بركان خامد او مرتفع صلب، واغلب جزر جنوب المحيط الهادئ من هذا النوع، كما أن هناك حدائق المرجان الممتدة على سواحل البحر الاحمر قرب الشواطئ السعودية والسودانية والجيبوتية وهي حدائق رائعة الجمال ذكرها الله سبحانه في سورة الرحمن بقوله "يخرج منها اللؤلؤ والمرجان" وقوله تعالى "كأنهن الياقوت والمرجان".
وجاء هذا الترافق في الوصف القرآني مع الياقوت واللؤلؤ لقياس مدى روعة هذا المخلوق البحري الذي يتعرض اليوم لخطر الانقراض بعد ان حافظت الطبيعة على هذه الهبة الالهية منذ 250 مليون سنة من التطور الطبيعي متحدية كل الاخطار المحيطة بها من انفجارات بركانية وعواصف عنيفة وارتفاع وانخفاض لمستوى سطح البحر.
< /> 


جاءت افعال الانسان لتقضي عليه بسبب سوء الاستخدام المفرط للموارد البحرية فالصيد الكثيف لاسماك البحر والنفايات البشرية والصناعية السامة واستخراج الشعب المرجانية والسياحة غير المنظمة، كل هذا بالاضافة الى التلوث الشديد وارتفاع درجة حرارة الارض ادت الى التهديد الجدي بانقراض المرجان .
ففي احدث دراسة لمؤسسة المختبرات البحرية البريطانية في مدينة بليموث اشارت الى ان "البحار الحمضية سوف تقتل كل الشعاب المرجانية في السبعين سنة القادمة".
واكدت الدراسة ان 20% من هذه الشعاب تدمرت فعلا بشكل نهائي وان 50% امست الان على حافة الموت وان السبب المباشر في ذلك هو التغيرات المناخية وارتفاع درجة حرارة البحار مما ادى الى تزايد درجة حمضية مياة البحار بشكل قاتل.
واستغربت الدراسة من عدم الوعي بهذا الواقع وعدم ملاحظة ذلك الا قبل سنة ونصف تقريبا بالرغم من ان تغيرات حادة قد جرت في الغلاف الجوي للارض اثرت بشكل واضح على طبيعة الحياة على الارض لم يسبق ان حدثت منذ ملايين السنيين.
وتوقعت الدراسة ان الكربون الناتج عن الوقود المعدني في طبقة الهواء منع المرجان من التعايش مما ادى الى ابيضاض الشعب المرجانية بمساحة تقدر بنحو16% تقريبا بفعل الدفء مما يدفع المرجان لاطلاق العشب البحري الاخضر من داخل جسمه فتموت نتيجة لذلك حشرات المرجان الفاعلة في التكوين بكميات ضخمة جدا، مما يحدث الانحلال والابيضاض، فتبدو بلون ابيض او اصفر فسفوري، وهو لون النسيج الحيواني للمرجان الميت مما يجعل هذه الغابات والشعاب المرجانية الرائعة الجمال والتي يطلق عليها غابات البحور واسوار المحيطات العظيمة تتلاشى مع الايام لتذهب اقدم واندر التكوينات البيولوجية في كوكبنا المنكوب بالتلوث.
وكشفت دراسة علمية اخرى اجرت مشاهداتها على 14 موقع مرجاني في البحر الاحمر والمحيط الهادئ والبحر المتوسط ان ما يقدر بنحو80% من الشعاب المرجانية في طريقها الى الموت قريبا وان الباقي وان يبدوا في حالة حسنة الا انه سيلاقي نفس المصير اذا لم توجه له العناية المطلوبة .





أكبر الشعاب المرجانيه في العالم وهي: قبالة ساحل استراليا الشمالي الشرقي ،
والحاجز المرجاني العظيم the Great Barrier Reef هو اكبر الملاذ ات البحرية في العالم بناها الكائنات الحيه على هذا الكوكب.
اعتبر واحد من عجائب الطبيعة السبع في العالم ، والشعب المرجانيه يتكون من 2800 شعاب فردي.
وقطرها اكثر من 1250 ميل، ويغطى اكثر من 135000 ميلا مربعا، ويمكن رؤيته من الفضاء الخارجى.
 
الشعاب المرجانية في الساحل السوداني